«عرسٌ فلسطيني» في برلين يتحدى محاولات الإفشال
هبة الجنداوي
صحافية وناشطة فلسطينيةمن السّويد وبريطانيا والنّمسا وهولندا... كلٌّ كان وجهته العاصمة الألمانية برلين اليوم، حيث ينعقد مؤتمر فلسطينيي أوروبا للعام الثالث عشر على التوالي بعنوان "فلسطينيو أوروبا والمشروع الوطني الفلسطيني".
في برلين سيجتمع مئات الفلسطينيّين المقيمين في القارة الأوروبية، في تلك القاعة وسط العاصمة برلين، حيث ستشهد عرساً فلسطينياً يقيمونه كلّ عام في إحدى الدول الأوروبيّة، ليلتموا سويّاً كباراً وصغاراً ويعلنون من هناك انتماءهم الأزليّ لفلسطين الأرض والوطن والهوية..
في برلين سيذتذكر فلسطينيو أوروبا نكبتهم وتهجيرهم على أيدي العصابات الصهيونية، يوم قطع آباؤهم وأجدادهم آلاف الأميال سيراً على الأقدام ليقصدوا لبنان والأردن وغيرها من البلدان، هرباً من إرهابٍ استُدعيَ إلى فلسطين بتآمر دولي باطل!
هو يومٌ يجدّد فيه الفلسطينيون في أوروبا ولاءهم وأبنائهم لأرض سُلبت بغير حق، يحيون فيه التراث الفلسطينيّ بكامله من لباسٍ ومأكولات، وجلسات تراثية فلسطينية تحاكي حياة الفلسطينيّ قبل النكبة.. ويطرحون قضايا الوطن المحتل وانتهاكات الاحتلال بحقه في القدس والمسجد الأقصى المبارك، والداخل المحتلّ الذي يشهدُ تهجيراً مماثلاً لعام النكبة. ويقفون على معاناة اللاجئين في غزة والضفة الغربية ودول الشتات وخاصّةً مخيم اليرموك المنكوب، الذي رقص على جراحه أخوةٌ أعرابٌ وعدوّ بلا إنسانية، وشُرِّد أهله بعضهم إلى منفىً آخر، والبعض الآخر سقط إمّا ضحيّة القنص والقصف، أو ضحيّة الموت جوعاً والإعدام في سجون النظام..
هو عرسٌ فلسطينيٌ جامع لفلسطينيي القارة الأوروبية وأحرار العالم الذين يدعمون القضيّة الفلسطينية المخضّبة بتاريخٍ حافلٍ بالآلام والآمال والصبر والصّمود، قضيّةٌ أخذ الفلسطينيّ على عاتقه أن يحملها معه أينما وُجد، ليُري العالم أنّ تلك القضيّة هي عنوان الفلسطينيّ المنسيّ في أصقاع الغربة، هي ملكاً له وليست ملكاً للمارّين زوراً وبهتاناً بين تفاصيل الوطن المسلوب.
والكيان الصهيوني ومن يدعمه في القارة الأوروبية والأمريكية، يسعون دائماً لمحاربة مساعي الفلسطينيين لإبراز قضيّتهم، حيث يحرّضون الإعلام الغربيّ اتجاههم ليفتعلوا نعرةً عنصريّةً تحمل القضيّة إلى غياهب النّسيان.
وما تعرّض له مؤتمر فلسطينيي أوروبا يوم أمس من هجمة انتقاديّة من صحيفة شبيغل الألمانية بقلم الصحفي "يورن هاسل"، إلّا دليلٌ على أنّ هناك من يسعى إلى طمس الهوية الفلسطينية ولصقها بمصطلح الإرهاب، حيث كتب هاسل تقريراً في الصحيفة قال فيه "أنّ مؤيدين لحركة حماس سيعقدون مؤتمرًا في قاعات الأرسنال في برلين"، وأُرفق مع التقرير صور لكتائب القسام! فمن خلال ذلك نستشفّ مدى ضبابية معرفة البعض بالقضية الفلسطينية، ومدى سلطة اللوبي الصهيوني وسيطرة فكره على الكثير من وسائل الإعلام الغربية.
هي حقيقةٌ أليمةٌ وقعت صحيح، لكن علينا نحن تدارك المواقف واغتنام فرص انتشارنا في قارات العالم، لنعرض له قضيتنا من وجهها الحقيقيّ.. فرغم أنّ العصابات الصهيونية استطاعت إبعادنا عن أرضنا وتهجيرنا منها، إلّا أنّها لم تستطع اقتلاع جذورنا من يافا والناصرة وعكا والطنطورة.. لم تستطع أن تزيل عبق الأرض الذي تمتلئ به قلوبنا فيزهر كلّ يوم أملاً يعانق العودة..
أضف تعليق
قواعد المشاركة