"إسرائيل": وكأنّ حرب الـ48 لم تنته تعزيز الاستيطان وإقصاء فلسطينيي الداخل

منذ 9 سنوات   شارك:

قادت العملية الفدائية في القدس المحتلة، أمس الأول، رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو للمرة الأولى لاستشعار الخطر الجسيم والمطالبة بحكومة «وحدة وطنية» تضم كل الإسرائيليين، إلا فلسطينيي الـ48.
وفي خطوة نادرة، بمفاهيم السياسة الإسرائيلية، دعا نتنياهو بالاسم كل قادة أحزاب المعارضة - عدا أعضاء الكنيست من فلسطينيي الـ48 - للانضمام إلى حكومة جديدة، كما لو أن «كل الجيوش العربية تحتشد الآن على حدودنا، بهدف تدميرنا»، بحسب يوسي فيرتر في «هآرتس».
وتنطوي هذه الدعوة على معان كثيرة، أهمها الإحساس بخطورة اللحظة التي يؤمن كثيرون في إسرائيل أن نتنياهو، أكثر من غيره، فعل الكثير من أجل الوصول إليها، سواء برفضه الحل السياسي أو بتشجيعه التغول الاستيطاني والديني في القدس الشرقية والحرم المقدسي. وهي فضلا عن ذلك تشهد على عمق إيمانه بعدم جدوى التسوية بين الإسرائيليين والفلسطينيين، ليس فقط في الأرض المحتلة عام 67 وإنما أيضا بعدم جدوى التعايش داخل مناطق الـ 48 بعد أكثر من ستة عقود على إعلان دولة إسرائيل. وهذا يشجع الكثيرين على العودة إلى المفاهيم التي سادت عند احتدام انتفاضة الأقصى في العام 2000، والتي ترى أن حرب الـ 48 لم تنته بعد.
ومن الجائز أن الخطوات الإسرائيلية الأخيرة، وبينها نصب الحواجز على منافذ الأحياء الفلسطينية في القدس الشرقية، ونشر القوات في القدس الغربية، وتسهيل توزيع السلاح على اليهود، بقصد إضفاء شعور بالأمن، كلها تشهد على أن الحياة في القدس ليست اعتيادية. والأهم أنها لن تكون اعتيادية في ظل استمرار التغول الإسرائيلي من ناحية وانسداد آفاق التسوية من ناحية أخرى.
وفي خطوة جديدة قد تزيد من حدة التوتر، أعلنت بلدية القدس أنها وافقت على بناء 78 وحدة استيطانية جديدة في «هار حوما» (جبل ابو غنيم) و28 في»راموت». وقال المتحدث باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة «هذه القرارات استمرار لسياسة الحكومة الإسرائيلية في خلق أسباب التوتر، ودفع الأمور باتجاه التصعيد، وعدم خلق الظروف المناسبة للتهدئة».

وفجرت قوات الاحتلال شقة الشهيد عبد الرحمن الشلودي في حي سلوان في القدس الشرقية المحتلة، بتهمة دهس مستوطنين في المدينة في 22 تشرين الأول الماضي، ما أدى إلى مقتل مستوطنتين.
وبديهي أن القدس، التي لعبت في العقدين الأخيرين دوراً مركزياً في تحديد نتائج الانتخابات العامة جراء الجنوح الذي يزداد يمينية في صفوف الجمهور الإسرائيلي، ستواصل لعب هذا الدور في الانتخابات المقبلة، التي يبدو أنها قريبة.
وواضح أن نتنياهو يواجه اليوم معضلة شديدة، تتمثل في أن العمادين اللذين ارتكزت عليهما شعبيته، الاقتصاد والأمن، ينهاران أمام ناظريه. فالاقتصاد يسجل أول نمو سلبي منذ خمس سنوات والأمن يتدهور، كما يرى الإسرائيلي، سواء في القدس الشرقية أو الغربية أو أثناء حرب غزة، أو على الحدود. والأسوأ أن انعدام الأمن يترافق أيضاً مع غياب أفق التسوية مع الفلسطينيين، واحتمالات انهيار معاهدات السلام مع الدول المحيطة خلافاً لسنوات سابقة.
ومن الجائز أن أحد أهم تجليات المعضلة التي يعيشها نتنياهو هو انكشاف عورته مؤخراً. فالجيش يكاد تقريباً يغيب عن الأنظار في الوضع الجديد، وهو يسرب بين الحين والآخر معطيات تظهر خلافه مع الحكومة ورئيسها ومع توجهات اليمين. وفي نظر الجيش فإن الوضع حساس، فلسطينياً وإقليمياً ودولياً، ولذلك لا مجال للتهور. لكن معضلة نتنياهو كانت أكبر عندما خرج رئيس «الشاباك» يورام كوهين، وهو أحد مرؤوسيه، ليخالفه الرأي بشأن الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) والقيادة الفلسطينية، فيعلن أن أساس المشكلة ليس تحريض القيادة الفلسطينية وإنما تغول اليمين وتطرفه.
بل إن هذا السجال انتقل إلى الحلبة السياسية، ليس بين اليمين واليسار، وإنما أيضاً بين اليمين الديني واليمين القومي. ومن المهم الانتباه إلى حملة الحاخام الشرقي الأكبر لإسرائيل اسحق يوسف على زيارة اليهود للحرم القدسي، داعيا «إلى وقف الأعمال التحريضية لأنها تثير عاصفة عند العرب الذين يكرهوننا، وبالتالي تصب الزيت على النار». ورفض فتاوى من وصفهم بالحاخامات الصغار، التي تجيز زيارة الحرم والصلاة فيه، معتبراً الزيارة «مخالفة شرعية خطيرة عقوبتها الموت بيد الخالق». وتعرض الحاخام لحملة انتقادات شديدة من رئيس حزب «البيت اليهودي» وزير الاقتصاد نفتالي بينت.
ومن المؤكد أن هذه الحملة تؤثر بشكل كبير جداً على حركة «شاس»، وهي الحزب الديني الأقوى في الكنيست، والذي سيكون له موقف، خصوصاً أن تحول الصراع إلى ديني، خصوصاً في القدس، سيكون بالغ التأثير عليه. لكن عضو الكنيست من كتلة «يهدوت هتوراه» الاشكنازية موشي غفني حمل بشدة، في الكنيست أمس، على الوزراء وأعضاء الكنيست الذين يزورون الحرم القدسي، وربط بين هذه الزيارات واستهداف «كنيس هارنوف» في القدس الغربية أمس الأول ما أدى إلى مقتل خمسة إسرائيليين. وشدد غفني على حرمة زيارة الحرم القدسي، معلناً أن الصلاة في الكنس أكثر ثواباً من زيارة الحرم «خصوصاً إذا استجلبت هذه الزيارة سفكاً للدماء».
ومعروف أن كوهين كان دعا إلى توقف أعضاء الكنيست ورجالات السياسة الإسرائيليين عن زيارة الحرم القدسي على الأقل، في الوقت الراهن لمنع التصعيد، غير أن دعوته هذه لاقت انتقاداً واسعاً في أوساط اليمين، الذين يعتبرون زيارة الحرم القدسي تأكيداً لسيادة إسرائيل عليه إذا لم تكن إيذانا بالعودة لبناء «الهيكل»، بل إن النائب من «الليكود» تسيبي حوتبولي دعت إلى إقالة كوهين من منصبه.
عموماً ثمة في إسرائيل من يعتبر عملية القدس الأخيرة «عملية تأسيسية، مغيرة للواقع. من نوع الأحداث التي يمكن الإشارة إليها بعد سنوات، والقول إنها شكلت نقطة تحول»، حسب المعلق العسكري لصحيفة «إسرائيل اليوم» يؤآف ليمور.
وأضاف ليمور أن «هذا ينبع أيضاً من الكتلة المتراكمة للعمليات والأجواء، وأيضاً من العملية المحددة هذه: فالعقل لا يسمح بمرور الكرام على يهود يقتلون في كنيس أثناء الصلاة، وفيما يرتدون ثياب الصلاة».
عموماً في المعركة الجارية في القدس لا يبدو أن لدى المقدسيين ما يخسرون، في حين تخسر إسرائيل قدرتها على إشاعة الوهم. ومن الجائز أن الولايات المتحدة هي أول من يهب لمنع إحساس الإسرائيليين بالخسارة، من خلال تأكيد الوقوف إلى جانبهم من ناحية وتوجيه الانتقاد للفلسطينيين والعرب من ناحية أخرى. أنظروا بهذا الشأن ثناء وزارة الخارجية الأميركية على «الخطوات التي اتخذتها إسرائيل في الحرم القدسي» ومقالات ضد السلطة الفلسطينية في «نيويورك تايمز».
المصدر: حلمي موسى - السفير

 



السابق

الزرقاء.. وقفة تضامنية مع الاقصى والشعب الفلسطيني

التالي

القدس: عشرات آلاف الفلسطينيين يؤدون الصلاة في المسجد الأقصى


أضف تعليق

قواعد المشاركة

 

تغريدة "Gaza Writes Back"

  !israel is a piece of shit and they know ittwitter.com/ThisIsGaZa/status/595385208385449985/photo/1 




تغريدة "عاصم النبيه- غزة"

 عندك القسام وبتأيد داعش؟ روح استغفر ربك يا زلمة.. #غزةtwitter.com/AsemAlnabeh/status/595507704338186240
 




تغريدة "أحمد بن راشد بن سعيد"

القاهرة تنتفض ضد قرار تقسيم #فلسطين عام 1947.كان زمان!لكن تظل #فلسطين_قضيتناtwitter.com/LoveLiberty/status/594548013504307200/photo/1




تغريدة "Joe Catron"

 Take a moment to thank "@MsLaurynHill" for cancelling her concert in occupied Palestinetwitter.com/jncatron/status/595337215695192064/photo/1




تغريدة "Dr. Ramy Abdu"

 المغنية الأمريكية المشهورة لورين هيل تلغي حفلها الفني في "إسرائيل" بعد حملة واسعة لنشطاء حركة المقاطعة.twitter.com/RamAbdu/status/595530542910742528




تغريدة "النائب جمال الخضري"

في #غزة يقهرون الإعاقة ويلعبون الكرة الطائرة أطرافهم بترت اثناء الحرب على غزة لا يأس ولكن عزيمة وصمود لهم التحية.twitter.com/jamalkhoudary/status/595520655858147328





 

حسام شاكر

الإبداع في ذروته .. رفعت العرعير مثالاً

أيُّ إبداعٍ يُضاهي أن تُنسَج القصيدة المعبِّرةُ من نزفِ شاعرها أو أن تصير الكلمات المنقوشة بالتضحيات العزيزة محفوظاتٍ مُعولَمة في … تتمة »


    ابراهيم العلي

    في ظلال يوم الأرض الفلسطينون : متجذرون ولانقبل التفريط

    ابراهيم العلي

     يعد انتزاع الاراضي من أصحابها الأصليين الفلسطينيين والإستيلاء عليها أحد أهم مرتكزات المشروع الصهيوني الاحلالي ، فالأيدلوجية الصهي… تتمة »


    تتقدم مؤسسة العودة الفلسطينية من عمال فلسطين بأطيب الأمنيات وأجلّ التحيات لما يقدمونه من جهد وعمل وتضحية..
صامدون - عاملون - عائدون
    تتقدم مؤسسة العودة الفلسطينية من عمال فلسطين بأطيب الأمنيات وأجلّ التحيات لما يقدمونه من جهد وعمل وتضحية.. صامدون - عاملون - عائدون