"المستقبل": لا حقوق للفلسطينيين إكراماً لجعجع!
يحصر تيّار المستقبل علاقته بالقوى والفاعليات الفلسطينية الموجودة في لبنان، بتلك "الرسمية” منها.
لا يرى تيّار آل الحريري، على الساحة الفلسطينية، سوى ما يمثّل السلطة، حركة فتح تحديداً. بقية الفصائل والقوى، ينظر إليها من زاوية المصالح، وما يمكن أن تقدّم له من خدمات لمشروعه السياسي في البلاد، فضلاً عن غطاء "القضية الفلسطينية”.
لم تدم طويلاً "الطفرة” في العلاقات بين تيار المستقبل وحركة حمّاس، إبّان صعود الاخوان المسلمين الى الحكم في مصر. بقيت العلاقة بين الطرفين في إطار العلاقات العامّة ولم تتحوّل الى نموذج من التنسيق والتعاون المتبادل. ظلّت مدفوعة بالمصالح.
ليست العلاقات الفسلطينية ـ المستقبلية، نموذجية. يأخذ فلسطينيو لبنان على تيّار المستقبل، تجاهله لمطالبهم الحياتية، وتحسين ظروف المعيشة في مخيّماتهم، فضلاً عن قضيتهم الأساسية: الاحتلال والعودة. في الأصل، لا يعير "المستقبل” الشأن الفلسطيني أي اهتمام.
الوثيقة التي أصدرها التيّار لمناسبة تحوّله الى تنظيم سياسي عام 2009، وضمّنها رؤيته السياسية والاقتصادية والاجتماعية، لم تتطرق أبداً إلى الحقوق المدنية والسياسية للفلسطينيين في لبنان. اقتصرت على الجانب الأمني، وجاءت تحت بند إنشائي بالعموم: "طي صفحة الماضي الأليم بين الشعبين اللبناني والفلسطيني”.
الحديث عن علاقة تيار المستقبل بالقضية الفلسطينية ومتشعّباتها، يفرضه آداء الرئيس الجديد للجنة الحوار اللبناني ـ الفلسطيني، الوزير السابق حسن منيمنة، الذي عيّنه رئيس الحكومة تمّام سلام، خلفاً لرئيس اللجنة السابق خلدون الشريف، الذي عيّنه رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي.
تقول مصادر فلسطينية، إن منيمنة يعرقل أي مشروع يتعلّق بحقوق الفلسطينيين في لبنان. علماً أن لجنة الحوار اللبناني ـ الفلسطيني هي هيئة حكومية يُشارك فيها ممثّلون عن عدة وزارات أبرزها العدل والخارجية، والداخلية والدفاع، مهمّتها تطبيق سياسات الحكومة اللبنانية الخاصة بالفلسطينيين في لبنان.
المصادر الفلسطينية تشير الى أن منيمنة أعلنها صراحة أنه لا يمكنه السير في أي مشروع من شأنه تحسين معيشة الفلسطينيين في لبنان، أو حتى إعطائهم بعض حقوقهم، لأنه لا يملك الضوء الأخضر من مرجعيته السياسية، تيّار المستقبل.
لا يتصرّف الوزير السابق بشكل فردي، على رأس اللجنة التي من المفترض أن تؤدي دوراً إستشارياً وتنفيذيّاً مهمّاً بالنسبة للحكومة اللبنانية، وأن تنسّق السياسات بين الوزارات، كما تنسّق عمل الحكومة اللبنانيّة مع الأونروا ومنظمة التحرير الفلسطينية، والشركاء اللبنانيين والفلسطينيين، والمجتمع المدني، والمجتمع الدولي من أجل تحقيق مهمتها.تنقل المصارد الفلسطينية كلاماً منسوباً الى رئيس كتلة المستقبل النيابية، رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة، خلال أحد اللقاءات التي تناولت أوضاع الفلسطينيين في لبنان.
طلب السنيورة من محدّثيه خلال اللقاء، تفهّم أولويات تيّاره السياسي في ما يتعلّق بموضوع الحقوق الفلسطينية. أبلغ النائب عن صيدا مَن التقوه أن حليف تيّاره الأول سمير جعجع لديه هواجس معينة من رزمة المطالب المعيشية الفلسطينية، وعليه فإن المستقبل مضطر لمراعاة هواجس حليفه المسيحي خلال دراسة موضوع حقوق الفلسطينيين في لبنان.ترجع المصادر بالحديث عن العلاقة بتيّار المستقبل، الى عهد رئيس الحكومة الأسبق الراحل رفيق الحريري.
تُذكّر أنه في عهد الحريري الأب، صُنّف الفلسطينيون كأجانب، وشملهم قانون تملّك الأجانب الذي حرمهم من تملّك ولو شقة في لبنان. إلى جانب حرمانهم من ممارسة أكثر من سبعين مهنة، فإن الفسلطينيين محرومون أيضاً من بناء مخيّماتهم وتحسين البنى التحتية داخلها.إذاً، لا يرى فلسطينيو لبنان أي فائدة من لجنة الحوار اللبناني ـ الفلسطيني، طالما أن عملها خاضع للمزاج السياسي والحزبي. حتى علاقة بعض الفصائل والقوى الفلسطينية، خاضعة هي الأخرى لمزاج تيّار المستقبل ومصالحه. تلقي المصادر الضوء على علاقة النائب عن صيدا بهية الحريري، ببعض التنظيمات الإسلامية الفسلطينية في صيدا.
تقول إنها علاقة أمنية بحتة، مردودها السياسي والمعنوي يُصرف لفوائد لبنانية ترفد سياسة "المستقبل” في البلد. تشدّد المصادر على أن محور هذه العلاقة لبناني، منطلقها تيّار المستقبل. غير أن المصادر توضح أن علاقة الحريري العمّة مع التنظيمات الإسلامية الفسلطينية ليست علاقة رسمية. رسمياً، تيّار المستقبل لا يدعم أي فلسطيني، لا من ناحية المساعدات ولا من أي ناحية أخرى.
أمنياً، تقول المصادر الفلسطينية إن فرع المعلومات الذي يحظى بغطاء سياسي من تيّار المستقبل، ضالع في تحريك الخلافات الفلسطينية ـ الفلسطينية داخل المخيّمات.
تضع المصادر الاشتباكات شبه اليومية في بعض المخيمات، وتحديداً عين الحلوة، في هذا الإطار. أكثر من ذلك، تؤكد المصادر أن تيّار المستقبل حاول مراراً زجّ بعض الفلسطينيين في المستنقع اللبناني خدمة لمصالحه، لكن مساعيه كانت غالباً ما تفشل.
من هنا، ترى المصادر أن جولات العنف المتكررة في بعض المخيّمات، والتركيز عليها إعلامياً، هدفها دعم كلام وزير الداخلية، "المستقبلي”، نهاد المشنوق حول السلاح الفلسطيني داخل المخيمات وخارجها. المشنوق رأى أن لا مبرّر للسلاح الفلسطيني الذي لم يقدّم للفلسطينيين أية فائدة أو حماية، بل استطاع أن يؤزّم الوضع داخل المخيمات، وأن يؤدي إلى إشتباكات بين الفلسطينيين. أما الاشتباكات التي تحدّث عنها المشنوق، فهي "شغّالة” وبتزايد مضطر.
المصدر: حمزة الخنسا – العهد
أضف تعليق
قواعد المشاركة