«بسمة وزيتونة»: هنا شاتيلا
لم يجد عرفات، الطفل الفلسطيني النازح من مخيم اليرموك في سوريا، أمامه سوى مهنة تصليح الأحذية، بعدما واجه صعوبات كثيرة في العثورة على مدرسة تستقبله كي يتابع تعليمه. وحدها جمعية «بسمة وزيتونة» غيّرت حياة الطفل وأمّنت له جوا مناسباً له ولأترابه، كي يعيشوا طفولتهم بسلام، ولو أنهم يعيشون في ظروف اجتماعية ومادية صعبة.
في المركز الثقافي التابع للجمعية في مخيم شاتيلا، تعلّم عرفات التمثيل والنحت، من خلال ورش العمل، فشارك في مسرحية «مجدرة فلسطينية»، كما نفّذ أعمالاً يدوية بمفرده. اليوم، وصل شغف عرفات الى التصوير الذي تعلمه من أحد المدربين في الجمعية، فحمل الطفل كاميرته وجال في أزقة المخيم ليرصد حياته. اكتشف عرفات موهبته في التصوير وشارك في مسابقة قدّم خلالها صورة عن طفلة فلسطينية في المخيم، تتحدى صديقها بأنها تستطيع أكل التراب.
تأسس المركز الثقافي لجمعية «بسمة وزيتونة» بعد عام ونصف من عمل إغاثي وطبّي وتنموي واجتماعي، قامت به الجمعية في مخيم شاتيلا، وهي جمعية أهلية لبنانية تعمل على دعم اللاجئين السوريين في لبنان والمجتمعات المحلية المتضررة. وتعد منطقة شاتيلا من أكبر المجتمعات التي تنشط بها الجمعية.
يقول رئيس مجلس إدارة الجمعية فادي حليسو، إن «الجمعية انطلقت من مخيم شاتيلا باعتبار أن وضعه صعب في الأساس، وقد زادته سوءاً موجة اللجوء إليه، ققرّرت مجموعة صغيرة تضم سوريين وفلسطينيين ولبنانيين بزيارة اللاجئين في المخيم والتعرف على احتياجاتهم، ومن ثم تعرّفوا على الوضع المأساوي الذي يعيشه اللاجئون».
يؤكد حليسو أنه «لم يكن يتوقع أن تكبر الجمعية التي اختار اسم بسمة وزيتونة عنواناً لها، اشارة الى أن التركيز لا يتم فقط على تقديم المساعدات المادية، بل زرع البسمة على وجوه اللاجئين»، مشيراً إلى أن «نشاطات الجمعية انطلقت مع إنشاء مشغل خياطة وتطريز للسيدات». بدايةً، ضمّ المشغل عشر نساء، وأصبحن اليوم 180 سيدة.
بعد مشغل الخياطة والتطريز، بدأت الجمعية بتوسيع نشاطاتها، وأصبح لديها، في وقت قصير ونتيجة لنشاط وجدية العاملين فيها، مركزين في بيروت، الرئيسي في مخيم شاتيلا وآخر في مخيم برج البراجنة، ومركز واحد في برّ الياس بالبقاع، واثنين في طرابلس (أبو سمرا والقبة). وهي تمكّنت من تأمين 110 وظائف مباشرة و180 وظيفة غير مباشرة. يوجد في شاتيلا، اليوم، مكتب للإغاثة يقدّم المساعدات لثلاثة آلاف عائلة، أي ما يقارب العشرة آلاف شخص. وأسس العاملون في الجمعية أيضاً مدرسة تضم 550 طفلاً سورياً، ولا يزال 600 آخرين على لائحة الانتظار لضيق المكان والإمكانات.
تعتمد الجمعية على التبرعات، وكانت أخيراً قد تلقت منحة من «كاريتاس إيرلندا» لدعم خمسة مشاريع، وهي اليوم تحتاج الى المزيد من التبرعات لدعم مشاريع جديدة. من هنا، أطلقت الجمعية حملة «هنا شاتيلا» منذ نحو شهر، لتأمين الدعم المالي اللازم لخمسة برامج ومشاريع ينفذها المركز في شاتيلا، والتي باتت، وفقاً لنص الحملة، معرّضة لخطر التوقف في ظل تراجع الدعم الدولي للمنظمات الإنسانية المعنية بالأزمة السورية، ومع ازدياد الاحتياجات لساكني المخيم الذي تضاعف عدد سكانه منذ بدء الأزمة السورية، وذلك ضمن شروط حياتية وصحية متدهورة.
تكمن أهمية المشاريع والبرامج المهددة بالتوقف في قدرتها على منح اللاجئين والسكان المحليين على حد سواء جملة من المهارات والقدرات، التي تعينهم على خلق فرص حياتية واجتماعية واقتصادية من شأنها أن تحسّن من شروطهم المعيشية. المشاريع هي: برنامج المنح الصغيرة، معهد التدريب المهني، برنامج تعليم السلام، برنامج الحماية والدعم النفسي، مركز الثقافة والفنون.
المصدر: السفير
أضف تعليق
قواعد المشاركة