يحيي الفلسطينيون اليوم في جميع مناطق الضفة الغربية وقطاع غزة وداخل المناطق التي احتلتها إسرائيل العام 1948 ذكري يوم الأرض التاسع والثلاثين. وهو اليوم الذي صادف خروج الجماهير العربية في الداخل ضد قرارات حكومة الاحتلال بمصادرة المزيد من الأراضي.

وفي القطاع استبق السكان الذكرى بيوم، وشرعوا بتنظيم مسيرات جماهيرية على الحدود، فيما أصدرت التنظيمات بيانات تؤكد على التمسك بالحقوق والثوابت الفلسطينية. وخرج متظاهرون شبان على الحدود الشرقية لمدينة غزة ورفعوا فيها أعلاما فلسطينية ولافتات تطالب بجلاء الاحتلال والتمسك بالأرض الفلسطينية وإنهاء الحصار. وردد المشاركون، الذين خرجوا بدعوة من إحدى المؤسسات المحلية، هتافات تؤكد على حق العودة إلى الديار التي هجر منها اللاجئين من قبل العصابات الصهيونية.

وفي المناطق الحدودية الشرقية لجنوب قطاع غزة وتحديدا على طول البلدات الواقعة شرق مدينة خانيونس، خرجت مسيرة شارك فيها عدد كبير من الشبان، دعت إليها هيئة الحراك الوطني لكسر الحصار.

وتركزت المسيرات هذه على الحدود الشرقية لبلدات القرارة والزنة وعبسان ومعن وخزاعة، وجميعها بلدات قريبة من الحدود الفاصلة مع إسرائيل، وهناك أشعل المشاركون النار في إطارات السيارات. وأطلق جنود الاحتلال النار صوب الشبان المشاركين في تلك المسيرات، التي كانت تحيي ذكرى يوم الأرض، وأصيب عدد من الشبان بحالات اختناق جراء استنشاقهم الغاز المسيل للدموع الذي أطلقته قوات الاحتلال بكثافة نحوهم.

ومن المقرر أن تنطلق اليوم أيضا في قطاع غزة عدة مسيرات جماهيرية حاشدة، إحياء لذكرى يوم الأرض، وستنطلق حسب ما أعلن مسيرة للأطفال تنظمها وزارة الشباب والرياضة في مدينة غزة. وقررت الفصائل الفلسطينية تنظيم مسيرة أخرى في المدينة.

كذلك أعلن نشطاء شبان عن تنظيم فعالية زراعة شتلات الزيتون في المناطق الحدودية التي تمنع إسرائيل اقتراب السكان منها، في تأكيد منهم على عدم تفريطهم بتلك الأراضي التي تقيم قوات الاحتلال عليها المنطقة الأمنية العازلة. وذلك بالإضافة إلى فعالية كبيرة يشارك فيها 400 فنان من غزة، عبارة عن معرض فني ضخم، يشارك فيه هؤلاء الشبان، برسم لوحة فنية حية أمام الجمهور، حول يوم الأرض، والأسرى.

وفي مثل هذا اليوم من العام 1976، انتفض الفلسطينيون في مناطق الجليل والمثلث والنقب وفي مختلف المدن والقرى التي احتلتها إسرائيل في العام 1948، دفاعاً عن كرامتهم وعروبتهم وهويتهم رافضين قررا إسرائيلية بمصادرة آلاف الدّونمات من الأراضي ذات الملكية الخاصة، في المناطق ذات أغلبية سكانية فلسطينية. وأسفرت مواجهات اندلعت بين الفلسطينيين والاحتلال عن سقوط ستة فلسطينيين وإُصابة واعتقال المئات منهم.

حدث محوري

يوم الأرض يعتبر حدثاً محورياً في الصراع على الأرض وفي علاقة المواطنين العرب بالكيان السياسي الإسرائيلي، إذ كانت هذه المرة هي الأولى التي ينظم العرب في إسرائيل منذ عام 1948 احتجاجات رداً على السياسات الإسرائيلية.

وفي هذا السياق دعت الجبهة الشعبية في ذكرى يوم الأرض إلى ان «إصلاح البيت الفلسطيني والتخلص من قيود وأعباء اتفاقيات أوسلو هما الطريق الصحيح لإعادة بناء النظام السياسي الفلسطيني على أسس ديمقراطية ونضالية، بعيداً عن سياسة الهيمنة والتفرد في القرارات المصيرية والرهان على المفاوضات والتسوية العقيمة».

وأكدت على «ضرورة استعادة منظمة التحرير الفلسطينية روحها ومكانتها ككيان جامع ومعبر عن تطلعات شعبنا وثوابته. وهذا يدعونا لتجديد المطالبة بضرورة تطبيق قرارات المجلس المركزي الأخيرة والتي تشكّل مدخلاً لتصويب المسار».

وقال ان الدرس الأساسي الذي قدمته الجماهير العربية في يوم الأرض «يؤكد أن المواجهة مازالت ممكنة. وسيكون شعبنا قادراً دوماً على النهوض وشق طريقه بشجاعة في هذه المسيرة التاريخية الطويلة من أجل الحرية والكرامة والاستقلال».

وشدت على أن نضال الشعب الفلسطيني في المناطق المحتلة عام 1948 «جزء لا يتجزأ من نضالنا الوطني الفلسطيني، وأن شعبنا هناك في خط المواجهة الأول في التصدي للإجراءات والإرهاب الصهيوني».

وقالت إن الانتفاضة الشعبية التي خاضها الشعب الفلسطيني في يوم الأرض «أثبتت قوة وصلابة جماهير شعبنا وعدم قبولهم بسياسات الاحتلال». وأشارت في هذا السياق إلى أن الانقسام المستمر منذ ثماني سنوات يبقى «عبئاً ثقيلاً يقصم ظهر شعبنا ومقاومتنا». وشددت على أنه «لا يوجد أي مبرر وطني او أي سبب يحول دون إنهائه فوراً وبدون تردد».

وأكدت على ضرورة الالتفاف حول المقاومة وحمايتها وتجذيرها، اذ لا يوجد للشعب خيار «سوى طريق المواجهة والمقاومة والصمود لإجبار الاحتلال على الاستجابة لحقوقنا». وقالت أيضا ان مناسبة يوم الأرض «تفرض استحضار قضية الأسرى باعتبارها تخص كل بيت فلسطيني، ما يستدعي الارتقاء بالجهود السياسية والنضالية لتحريرهم من جهة، والنهوض بحالة التضامن والاحتضان الشعبي لهم ولذويهم من جهة أخرى».

وشدد النائب قيس عبد الكريم، نائب الأمين العام للجبهة الديمقراطية، على ضرورة جعل يوم الأرض «يوما لتوسيع دائرة المقاومة الشعبية مع الاحتلال الإسرائيلي في جميع مناطق الضفة وقطاع غزة، وإفشال سائر مخططات الاحتلال».

وشدد على تمسك الشعب الفلسطيني بأرضه وقال إنه «متجذر فيها ويؤكد رفضه لكافة سياسات الاحتلال الهادفة إلى ترحيلة عنها». وأشار إلى ضرورة مواصلة النضال على جميع الاصعدة، سواء الميدانية من خلال تصعيد المقاومة الشعبية، او على صعيد الحراك الدبلوماسي ومواصلة الانضمام للمؤسسات الدولية، ودعوة المجتمع الدولي للاعتراف بالدولة الفلسطينية، وعزل إسرائيل، كدولة عنصرية مارقة». 

وشدد النائب أبو ليلى على ضرورة تصعيد المقاومة الشعبية واستنهاضها من اجل رفع كلفة الاحتلال وصولاً لإرغام إسرائيل على إنهائه، والانسحاب الكامل من حدود الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود عام 1967، وعاصمتها القدس.

كذلك دعا النائب جمال الخضري رئيس اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار إلى ضرورة أن تشكل ذكرى يوم الأرض 30 مارس / اذار، يوماً للتلاحم الفلسطيني في مواجهة المخططات الإسرائيلية التي تستهدف الأرض والإنسان.
وشدد على ضرورة إسقاط كل المشاريع التهويدية التي تستهدف الفلسطيني وأرضه ومقدساته في القدس المحتلة والضفة الغربية والداخل المحتل وقطاع غزة».

كما دعا رئيس اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار إلى ضرورة أن تشكل الذكرى انطلاقة حقيقية لإنهاء الانقسام والتوحد.

 المصدر: القدس العربي