أطفال ينتظرون الحياة في غرفة العناية المركزة في مستشفى الشفاء

منذ 10 سنوات   شارك:

 المستقبل ـ ميسرة شعبان: في غرفة العناية المركزة في مستشفى الشفاء في غزة، لا مسرب واحداً يؤدي الى الحياة، فهناك مسارب أخرى قد تفضي إلى مصير معاكس.. مجموعة من أجساد أطفال طرية، تئن بصمت تحت الألم والحروق والجروح التي لم يختبرها الاحتلال حتى في أعتى أزمان الحروب، رائحة مطهرات قوية، ورنين أجهزة طبية لا يتوقف، في محاولة لضخ حيوية في أطفال أشبه بالموتى أغلب إصاباتهم في الرأس.


أميرة خطاب طفلة لا تتجاوز العامين، وحيدة في غيبوبة، تلف جسدها أنابيب طبية أطول منها، لا يوجد بجانبها أحد يمسك يدها من عائلتها، يهمس لها، يمسح جبينها، وحيدة في غيبوبتها، فقط الممرضة تعرف أن قوات الاحتلال قصفت منزل عائلة هذه الطفلة بعدة قذائف.


تقول الممرضة« «كل أهلها سبقوها إلى الجنان (أمها وأبوها وجدتها واخوتها واخواتها) ولم يبق لها إلا الله وأهل الخير في غزة«.


وكان الاحتلال قصف في الثالث من آب بطائرات الـ«اف 16« منزلاً لعائلة خطاب بمنطقة الحكر في دير البلح وسط القطاع ما ادى الى استشهاد ستة من العائلة واصابة 12 آخرين.


أما الطفلة مريم المصري 9 سنوات وحيدة والديها والتي جاءت الى الدنيا بصعوبة وشقاء بعد 20 عاماً من محاولة والديها الإنجاب بثلاث محاولات زراعة (اطفال أنابيب) فروحها معلقة بين سرير العناية المركزة التي ترقد عليه وبين السماء.


ووصف والد الطفلة مريم حالتها بالقول: «لقد أصيبت بنزيف داخلي في المخ وأدخلوها الى غرفة العناية المكثفة وهي مهددة بعدم المشي ولا الكلام«.


أبو محمد المصري والدها لا يريد مفارقة غرفة العناية المركزة وهو يمسك بيد طفلته متوسلاً إلى طاقم الاطباء والتمريض أن يوقظوها من الغيبوبة التي هي بها ويعملوا قدر استطاعتهم لشفائها .


وأضاف: «نحاول بالسبل كافة تحويل مريم إلى مستشفى في الخارج، لكن حتى اللحظة لا وسيلة تساعدنا لنقلها«.


وحول كيفية إصابتها قال والدها مبقياً عينيه مصوبتين نحو ابنته وهو يناجيها، «أخذت بيد توأمها محمد إلى فناء منزلنا الواقع في حي النصر وسط مدينة غزة، لتمارس لعبتها، فيما طائرات الاحتلال الإسرائيلي كانت تغطي سماء القطاع، مع دخول اليوم الثالث للعدوان الهمجي على غزة لتغدر بهم وتصيب مريم برأسها«.


وأضاف أنه كان ينادي بين الفينة والأخرى على طفليه مطالبًا مريم بأن تكمل لعبتها داخل غرفة ألعابها خوفًا أن يصيبها مكروه، ولكن في كل مرة تقابله مريم بردها: «يا بابا ما تخاف علينا، بدي ألعب أنا فرحانة مش خايفة من الطيارات» لتلقى قدرها رغماً عن أبيها ومن يحبها.


وبعينين امتلأتا بالدموع تابع المصري قوله: «ما إن اكملت طفلتي كلامها حتى سمعتَ صوت انفجار ضخم هز محيط المنزل، وأعقبه دخان كثيف وانقطاع في التيار الكهربائي، وما ان انقشع الدخان من المكان، حتى كانت الفاجعة حين وجدت مريم ملقاة على الأرض مضرجة بدمائها بعد تلقيها عدّة شظايا في رأسها«. ونظر الأب إلى الأعلى داعياً: «يا رب، إذا بدك تشفيها.. أعدها لي سالمة، وإذا بدك خذ عمري بدلاً منها«.


ولا تزال مريم على ذلك السرير يترنّح جسدها المتهالك الذي لم ترحمه شظايا الصاروخ، لا تزال ترقد في المستشفى بين الحياة والموت ووالدها يتضرع إلى الله أن يشفيها لتعود تملأ حياتهم، ترقد ومعها آلاف الجرحى استهدفتهم صواريخ الغدر الصهيوني بلا أدنى إنسانية.


فجأة أخذت الأجهزة تصدر صوت إنذار ما. هرع الأطباء، فوجدوا أن هناك نقصاً في تدفق الأوكسجين إلى


الطفلة شهد الحناوي (8 أعوام) التي خارت قوى والدتها وأخذت تبكي فيما كانت نساء العائلة يحاولن تهدئة روعها. كان جفنا الطفلة الحناوي متورمين ولونهما أزرق من جراء الضربة التي أصابت رأسها بعد استهداف منازل عدة في مجزرة حي الشجاعية الذي تسكنه شرق مدينة غزة. وقالت والدتها التي أصيبت أيضاً بجروح طفيفة: «أخرجت شهد من تحت الركام، بعدما سقط الطابق الثاني من منزلنا فوق رؤوسنا». أُصيبت بشظية في رأسها وكسر في الجمجمة نتج عنه نزيف داخلي، بعدما تعرض منزل مجاور لهم لقصف إسرائيلي بصواريخ عدة من دون سابق إنذار، مخلفاً ثلاثة شهداء والعديد من الإصابات.


هؤلاء الاطفال ليسوا الوحيدين بل هم من بين مئات قصص المعاناة التي تكبدها أهالي قطاع غزة في العدوان المستمر عليهم منذ 29 يوماً. من جهتها، قالت وزارة الصحة إن هناك 153 من بين الجرحى في العناية المركزة وقد يرتفع الشهداء لخطورة وضعهم الصحي.


بدوره، قال الطبيب في الجامعة الاميركية في بيروت غسان ابو ستة والذي توجه الى غزة منذ نحو اسبوع مع جمعية العون الطبي للفلسطينيين، إن «هناك القليل جداً من الحالات البسيطة، منوهاً الى أن 70% من الاصابات ستبقى دائمة وتعاني من عاهات مستديمة وتشوهات ولن يعودوا كما كانوا في السابق«.


ووصف أبو ستة ما مر عليه من إصابات خطرة بالقول: «لقد عالجت طفلاً في الثامنة من عمره فقد كل عائلته، كما فقد نصف وجهه وإحدى عينيه، كما فقئت عينه الثانية جراء اصابتها بشظية قذيفة. لقد خسر عائلته ودمرت تماماً قدرته على الاهتمام بنفسه. ليس لديه أي مستقبل، ويسأل طوال الوقت لماذا أطفأوا النور«.


وأفاد ابو ستة بأن الاحتلال الإسرائيلي حوّل غزة الى مجزرة كبيرة يصعب علاجها ويفوق قدرات أي نظام صحي كبير، فكيف اذا كان نظاماً صحياً يصارع ثماني سنوات من الحصار«.


وهذه ليست المرة الاولى التي يسارع فيها ابو ستة للتوجه الى القطاع للمساعدة، فقد كان حاضراً ايضاً في حرب 2008-2009.


وقد تخطى عدد ضحايا الحرب الإسرائيلية من حيث القتلى والجرحى هذه المرة ضحايا الحرب الماضية. ويقول ابو ستة إنه «من المستحيل مداواة الجميع».



السابق

موظفون وكالة "الأونروا" بقاطع غزة يحتجون على قتل الاحتلال لزملاءهم

التالي

فريق من "تجمع الأطباء الفلسطينيين في أوروبا" يصل غزة لعلاج جرحى العدوان


أضف تعليق

قواعد المشاركة

 

تغريدة "Gaza Writes Back"

  !israel is a piece of shit and they know ittwitter.com/ThisIsGaZa/status/595385208385449985/photo/1 




تغريدة "عاصم النبيه- غزة"

 عندك القسام وبتأيد داعش؟ روح استغفر ربك يا زلمة.. #غزةtwitter.com/AsemAlnabeh/status/595507704338186240
 




تغريدة "أحمد بن راشد بن سعيد"

القاهرة تنتفض ضد قرار تقسيم #فلسطين عام 1947.كان زمان!لكن تظل #فلسطين_قضيتناtwitter.com/LoveLiberty/status/594548013504307200/photo/1




تغريدة "Joe Catron"

 Take a moment to thank "@MsLaurynHill" for cancelling her concert in occupied Palestinetwitter.com/jncatron/status/595337215695192064/photo/1




تغريدة "Dr. Ramy Abdu"

 المغنية الأمريكية المشهورة لورين هيل تلغي حفلها الفني في "إسرائيل" بعد حملة واسعة لنشطاء حركة المقاطعة.twitter.com/RamAbdu/status/595530542910742528




تغريدة "النائب جمال الخضري"

في #غزة يقهرون الإعاقة ويلعبون الكرة الطائرة أطرافهم بترت اثناء الحرب على غزة لا يأس ولكن عزيمة وصمود لهم التحية.twitter.com/jamalkhoudary/status/595520655858147328





 

حسام شاكر

الإبداع في ذروته .. رفعت العرعير مثالاً

أيُّ إبداعٍ يُضاهي أن تُنسَج القصيدة المعبِّرةُ من نزفِ شاعرها أو أن تصير الكلمات المنقوشة بالتضحيات العزيزة محفوظاتٍ مُعولَمة في … تتمة »


    ابراهيم العلي

    في ظلال يوم الأرض الفلسطينون : متجذرون ولانقبل التفريط

    ابراهيم العلي

     يعد انتزاع الاراضي من أصحابها الأصليين الفلسطينيين والإستيلاء عليها أحد أهم مرتكزات المشروع الصهيوني الاحلالي ، فالأيدلوجية الصهي… تتمة »


    لاعب خط الوسط الأردني محمود مرضي يرفع قمصيه كاتباً "هي قضية الشرفاء" ، بعد تسجيل هدف لمنتخبه ضد ماليزيا.
    لاعب خط الوسط الأردني محمود مرضي يرفع قمصيه كاتباً "هي قضية الشرفاء" ، بعد تسجيل هدف لمنتخبه ضد ماليزيا.