معدات سينمائية: «صُنع في فلسطين»
في ورشة متواضعة لا تتعدى مساحتها الثلاثين مترا مربعا، ينتج الشاب الفلسطيني نضال الكرنز معدات سينمائية يقول إنها تنافس العالمية من حيث الدقة، طامحاً أن تصل منتجاته إلى جميع صناع السينما في العالم، تحت اسم «Made in Palestine» (صنع في فلسطين).
الكرنز البالغ من العمر 35 عاما، والمولع بالتصوير، افتتح ورشته بجهود ذاتية، قبل خمسة أعوام في أحد أزقة مخيم العروب للاجئين الفلسطينيين قرب مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية.
الشاب، الذي درس الإعلام في جامعة الخليل وأنتج أفلاما وثائقية عدة، قال تعبيراً عن التصميم والإرادة الكامنة في نفس الشاب الفلسطيني: «من بين بيوت الصفيح وأزقة المخيم والمعاناة نصنع الإبداع».
وعن فكرة إنشاء الورشة قال الكرنز: «جاءتني الفكرة قبل خمس سنوات عند إنتاجي أول فيلم وثائقي (اسمه «العقدة» يتحدث عن معاناة اللاجئين الفلسطينيين). لم أجد في فلسطين معدات سينمائية ضمن المواصفات المطلوبة، واقتناؤها أو استئجارها من الشركات الإسرائيلية باهظ الثمن»، وأضاف: «من هنا كانت البداية، حيث بدأت في صناعة أول جهاز ويسمى (ستدي كام)، واستمر العمل في إنتاجه نحو أربعة شهور، وحاز على الجودة بعد فحصه من قبل خبراء».
ويقول الشاب الفلسطيني: «أزعم أن مشروعي المتواضع أحد أهم المشاريع في الشرق الأوسط، حيث إن صناعة السينما والإنتاج التلفزيوني والسينمائي من أهم الصناعات العالمية، وهي صناعة تخترق عالم السياسة والاقتصاد».
وفي ورشة بدائية تفتقر إلى الأجهزة وآلات التصنيع المتطورة، تمكن الكرنز، من إنتاج نحو 22 نوعا من المعدات السينمائية، وهو يرى أن «هذه المنتجات أهم من ألف سفير لفلسطين»، ومن الأجهزة التي صنعها «ستدي كام، ودول صغيرة وأخرى كبيرة، وكرين، وكرين يدوي، وأتو كرين، وتركات كهربائي».
ويسوّق الشاب الفلسطيني، الذي شارك في معارض دولية بجانب شركات عالمية، منتجاته لمحطات فضائية فلسطينية، وأخرى عربية غير فلسطينية، ويقول إنه يرفض بيع مشروعه لشركات عالمية، مضيفا: «تلقيت العديد من العروض من شركات ومستثمرين في دول أجنبية للعمل لفتح مصنع أديره لهم، لكنني مصر على البقاء هنا في فلسطين وتطوير هذا المنتج بختم (صنع في فلسطين)».
ولا شيء في مخيم العروب جنوب مدينة بيت لحم، الذي يقطنه حوالي تسعة آلاف فلسطيني منذ احتلال العصابات الصهيونية للأراضي الفلسطينية في العام 1948، يوحي بوجود صناعة سينمائية، فورشة الكرنز عبارة عن بيت من صفيح تتناثر فيه قطع الألومنيوم والحديد والنحاس والقماش والجلد وغيرها، وهو أشبه ما يكون بورشة خراطة وحدادة بسيطة.
ويؤكد مدير برنامج الثقافة والفنون في مؤسسة عبد المحسن قطان محمود أبو هشش، أن المؤسسة «فحصت عددا من معدات الكرنز، ووجدتها لا تقل عن نظيرتها العالمية من حيث الدقة والجودة والمتانة»، كما أنها قامت بشراء منتجات من ورشته، وتنتظر تسلم أخرى خلال الفترة القادمة.
وأشار أبو هشش إلى أنه «عند إنشاء المؤسسة تم تجهيزها بمعدات صنعت في بلجيكا، وهي باهظة الثمن»، أما اليوم فإن المؤسسة باتت تستعين بمعدات يصنعها الكرنز، كما أكد المختص بالدعم الفني في المؤسسة ضياء الجعبي، أن «معدات الكرنز تباع بنصف سعر نظيرتها العالمية».
الكرنز، الذي حصل على شهادات مواصفات ومعايير دولية للكثير من منتجاته، ويقول إنه باع منتجات من نحو 20 نوعا وبأسعار تصل إلى نصف الأسعار العالمية، ناشد وزارة الاقتصاد الوطني دعمه ليتمكن من تسويق منتجاته داخليا وخارجيا تحت شعار «صنع في فلسطين».
المصدر: («الأناضول»)
أضف تعليق
قواعد المشاركة