فلسطينيو سورية والأمواج العاتية

منذ 10 سنوات   شارك:

محمد أبو ليلى

باحث فلسطيني

دخلت الأزمة السورية عامها الرابع، والمحصلة إلى الآن مئات الآلاف من القتلى والجرحى، وملايين من النازحين والمشردين داخل الوطن وخارجه. يتفق الباحثون والمحللون والاستراتيجيون والاستشرافيون أن المعركة طويلة وطويلة جداً، فالحرب لن تطفئ نارها في ظل إصرار النظام أو المعارضة المسلحة عدم اللجوء إلى الحل السلمي ويكاد يكون مستحيلاً في ظل التجاذبات الحاصلة بين الدول الكبرى لا سيما أمريكا والدول الأوروبية من جهة وروسيا والصين من جهة أخرى.
لا مجال في الخوض كثيراً في تشخيص أو الدخول في تفاصيل الأزمة السورية بقدر ضرورة تسليط الضوء على واقع ومصير اللاجئين الفلسطينيين منذ اندلاع شرارة الثورة منتصف آذار من العام 2011.
فقد بدأت الثورة السورية سريعاً وتتدريجياً تنعكس سلباً على اللاجئين الفلسطينيين، فقد تعرض اللاجئون إلى أروع المجازر والممارسات اللإخلاقية والأنسانية بحقهم، وممكن ذكر بعض المواقف والممارسات التي أودت إلى إستهداف الممنهج للاجئين الفلسطينيين في سورية:
1. في 26 آذار 2011 أي بعد أسبوعين تقريباً، سارعت الحكومة السورية وعلى لسان مستشارة رئيس الجمهورية بثينة شعبان باتهام عناصر خاريجية بالوقوف وراء الفتنة ووجهت أضابع الاتهام للفلسطينيين بالتورص في أحداث وقعت في اللاذقية.
2. في 11 تموز 2012 استفاق اللاجئون الفلسطينيون في سورية على نبأ العثور على 16 جثة ملقاة في إحدى قرى إدلب لمجندين من جيش التحرير الفلسطيني كانوا قد اختطفوا على طريق – حماة الدولية أثناء عودتهم إلى منازلهم من مركز تدريبهم بعد خطفهم دام لمدة أسبوعين.
3. ارتفاع حدة المعارك بين الجيش النظام والجيش الحر في العاصمة دمشق وإقتراب هذه المعارك من مخيم اليرموك.
4. في 7 تشرين الثاني 2012 تعرضت السيدة ميساء أبو بكر لعملية إغتيال بشعة أمام طفلتها بمسدس كاتم صوت.
5. قصف الطائرات السورية وللمرة الأولى في الــ 16 كانون الأول عام 2012 مخيم اليرموك موقعة عشرات الشهداء من اللاجئين بحجة وجود مجموعات مسلحة تقاتل مع المعارضة ضد النظام السوري.
ومن المعلوم أن أكثر من ثلاثة أرباع مجموع اللاجئين الفلسطينيين في سورية أجبروا على مغادرة منازلهم بسبب عنف القصف وشدة الحصار الذي تتعرض له المخيمات الفلسطينية في سوريا وخاصة مخيم اليرموك جنوب دمشق، فإما الهجرة إلى داخل الأراضي السورية أو إلى الدول المجاورة بلغ عددهم في لبنان، وفي اخر إحصائية لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" 53 ألف نازح موزعون على كافة المناطق اللبنانية، أما في الأردن فقد وصل عدد اللاجئين الفلسطينيين النازحين وبحسب احصائية الأونروا إلى حوالي 11 ألف نسمة، بينما في مصر، تختلف التقديرات لعدد اللاجئين الفلسطينيين القادمين من سورية في مصر، وهي تتراوح ما بين 7 آلاف إلى 11 ألفا، يتم التمييز ضدهم بطريقة سافرة. فيما تفيد تقارير بوجود 1100 في ليبيا و1000 في غزة، وعدد آخر في تركيا وماليزيا وتايلند وإندونيسيا.
قوارب الموت
بعد الانتقال القسري والضروري من المخيمات والتجمعات الفلسطينية في سورية إلى لبنان والأردن ومصر، تعاملت السلطات وخاصة اللبنانية والمصري في عهد الانقلاب العسكري مع الأزمة من باب تجريد اللاجئ الفلسطيني كامل حقوقه، وقد سجلت مؤسسات حقوقية دولية تلك التجاوزات الخطيرة.
أمام هذا الواقع، لم يجد اللاجئ الفلسطيني السوري الكثير من الخيارات سوى خيارين لا ثلاثة لهما، إما البقاء في معمعة الظلم والقهر والحرمان والملاحقة القانونية أو هجرة غير الشرعية إلى الدول الأوروبية أو اللاتينية.
قوارب الموت والسماسرة "تجار البشر" كان الخيار الأرجح والأصعب لهم، فأخذ فلسطينيو سورية يسعون في التخلص من الواقع المرير الذي فرض عليهم من جهة ومنع دخولهم الأراضي العربية من جهة أخرى.
قضى أكثر من 700 شهيد فلسطيني سوري في أعماق المتوسط، فضلاً عن أعداد كبيرة من المفقودين ليسجل التاريخ الفلسطيني في اللجوء عن مآساة حقيقية مريرة وصفت بالكارثة التي هزت ضمير الانسان الحي في العالم.

ما سبق كان محاولة لتبيان كيف بدأت؟ وأين ذهبت؟ وإلى ماذا وصل حال اللاجئين الفلسطينيين في سورية، وفي الاستنتاج ممكن القول أن الخطة المرسومة في العالم العربي واضحة وصريحة وقد بدأت معالمها إبان الحرب على لبنان 2006، حينما أعلنت وزيرة الخارجية الأمريكية كوندليزا رايس وقتها عن ولادة "شرق أوسط جديد" والصراع الان صراع مذهبي وجودي بين قوى تعاظمت على مرور العقود وقوى بدأت بالنهوض.
هؤلاء اللاجئون الفلسطينيون المتواجدون في لبنان أو سورية أو الأردن سيكونون في مرحلة التصفية والتهجير فلا مكان لهم ضمن خارطة "الشرق الأوسط الجديد" وخاصة أن هذا المشروع أمريكي صيغ داخل الأروقة الصهيونية، والمراقب لسير عميلة المفاوضات الحاصلة بين منظمة التحرير الفلسطينية و"إسرائيل" منذ مدريد إلى أوسلو وجنيف وأنابوليس وكامب ديفيد يستنتج أن قضية اللاجئين من القضايا المؤجلة التي لا بحث فيه وبالتالي فهي عرضة للإستهداف والتصفية.
قضية اللاجئين الفلسطينيين مستهدفة برعاية أمريكية – إسرائيلة وبتنفيذ إقليمي، والذي حصل مع الإخوة الفلسطينيون في سورية يحتاج إلى دراسة معمقة ووضع خطة استباقية لمواجهة هذا الاستهداف إن طال الوجود الفلسطيني في أماكن أخرى، لأن الأمواج العاتية حينما ترتفع وتجتاح السواحل ستغرق وتجرف الأهداف القريبة, والسؤال الذي يطرح الان هو "من التالي؟" طالما أن الأمواج جرفت الوجود الفلسطيني في سورية فهل يمكن أن تجرفه أيضاً في لبنان؟؟

خاص - شبكة العودة الإخبارية

 
 

مقالات متعلّقة

تغريدة "Gaza Writes Back"

  !israel is a piece of shit and they know ittwitter.com/ThisIsGaZa/status/595385208385449985/photo/1 




تغريدة "عاصم النبيه- غزة"

 عندك القسام وبتأيد داعش؟ روح استغفر ربك يا زلمة.. #غزةtwitter.com/AsemAlnabeh/status/595507704338186240
 




تغريدة "أحمد بن راشد بن سعيد"

القاهرة تنتفض ضد قرار تقسيم #فلسطين عام 1947.كان زمان!لكن تظل #فلسطين_قضيتناtwitter.com/LoveLiberty/status/594548013504307200/photo/1




تغريدة "Joe Catron"

 Take a moment to thank "@MsLaurynHill" for cancelling her concert in occupied Palestinetwitter.com/jncatron/status/595337215695192064/photo/1




تغريدة "Dr. Ramy Abdu"

 المغنية الأمريكية المشهورة لورين هيل تلغي حفلها الفني في "إسرائيل" بعد حملة واسعة لنشطاء حركة المقاطعة.twitter.com/RamAbdu/status/595530542910742528




تغريدة "النائب جمال الخضري"

في #غزة يقهرون الإعاقة ويلعبون الكرة الطائرة أطرافهم بترت اثناء الحرب على غزة لا يأس ولكن عزيمة وصمود لهم التحية.twitter.com/jamalkhoudary/status/595520655858147328





 

حسام شاكر

الإبداع في ذروته .. رفعت العرعير مثالاً

أيُّ إبداعٍ يُضاهي أن تُنسَج القصيدة المعبِّرةُ من نزفِ شاعرها أو أن تصير الكلمات المنقوشة بالتضحيات العزيزة محفوظاتٍ مُعولَمة في … تتمة »


    ابراهيم العلي

    في ظلال يوم الأرض الفلسطينون : متجذرون ولانقبل التفريط

    ابراهيم العلي

     يعد انتزاع الاراضي من أصحابها الأصليين الفلسطينيين والإستيلاء عليها أحد أهم مرتكزات المشروع الصهيوني الاحلالي ، فالأيدلوجية الصهي… تتمة »


    لاعب خط الوسط الأردني محمود مرضي يرفع قمصيه كاتباً "هي قضية الشرفاء" ، بعد تسجيل هدف لمنتخبه ضد ماليزيا.
    لاعب خط الوسط الأردني محمود مرضي يرفع قمصيه كاتباً "هي قضية الشرفاء" ، بعد تسجيل هدف لمنتخبه ضد ماليزيا.