«كوميديا لاجئ».. ثورةٌ على واقع اللجوء الفلسطينيّ
تقرير: لميس ياسين/ صيدا/ لبنان
خاص شبكة العودة الإخبارية
في كلّ وقتٍ تُنتهك حقوق اللاجئين الفلسطينيين في بلاد اللجوء العربيّ، وفي أيّ وقتٍ يُهجّر اللاجئ الفلسطينيّ من لجوء إلى آخر حيث يقع ضحية مشاريع رُسمت له منذ بداية اللجوء.. خسر الفلسطينيّ كل شيء حتى لم يبقَ له للتعبير عن واقعه المرير والتمرد عليه إلا عن طريق المسرح والكوميديا الساخرة. فالمسرح لم يعد فقط هواية، بل هو تجسيد معاناة شعب بأكمله من ألم التشرد والحرمان، وألم الغربة والتشتُّت في أصقاع العالم، هو أبلغ أداة للتعبير عن مأساة الفلسطيني التي لا يمكن طيّها من صفحات ذاكرته.
أحمد خليل (27 سنة) شاب من فلسطينيي سورية دفعت به ظروف الحرب للانتقال من مخيم لجوء إلى آخر، من مخيم تل الزعتر حيث عاش أهله في سنوات اللجوء الأولى، إلى مخيم جرمانا في ريف دمشق حيث ولد هناك، ثمّ في المحطة التي يأمل أن تكون الأخيرة مخيم مار الياس للاجئين الفلسطينيين في بيروت.
أحمد عامل أدوات صحية صباحاً، ومدرّب فرقة «كوميديا لاجئ» مساءً. مرّ خليل بظروف مأساوية، خسر أخاه وعدداً من أقاربه جراء الأحداث في سورية، فتحوّل ألم الفراق ومشاهد القتل والدمار والتهجير والجوع، ودوي الانفجارات، إلى مشاهد درامية يعمل أحمد من خلال فرقته أن يجسّدها في مشاهد درامية تحكي ذلك الألم.
«كوميديا لاجئ» تأسست في أوائل العام الحالي، وتضم عدداً من الشبان والشابات الفلسطينيين والسوريين من مختلف المخيمات الفلسطينية كمخيم صبرا وشاتيلا وبرج البراجنة، ومنطقة وادي الزينة، تتفاوت مستوياتهم التعليمية بين طلاب مدارس وجامعات وأفراد منعتهم الظروف المادية من متابعة دراستهم. التقوا جميعهم تحت سقف الكوميديا الهادفة لتسليط الضوء على قضايا اللاجئين الفلسطينيين في سورية ولبنان.
رغم قلّة الدعم الماديّ إلا أنّ الفرقة استطاعت أن تستمرّ في أضعف الإمكانيات، إذ يقول أحمد لشبكتنا «كنا نتدرب على أعمالنا فوق سطح منزلي في مخيم مار الياس، إلى أن قامت إحدى الجهات بالتبرع لنا بقاعة في المخيم، وقد كنّا نحو 40 شخصاً لكن العدد تناقص تدريجياً نظراً لصعوبة المواصلات وكلفتها». وأضاف خليل «رغم كلّ شيء نحن بصدد تطوير الفرقة وزيادة عدد أعضائها وخصوصاً أن هناك إقبالاً لمثل هذه الأفكار بين الشباب الفلسطينيّ الواعي».
يحاول أعضاء الفرقة أن يتغلبوا على الظروف، في الوقت الذي حاولت فيه بعض الجمعيات والأحزاب استغلال الضعف المادي للفرقة وضمهم تحت جناحها، لكنهم رفضوا ذلك، اذ يقول خليل «هدفنا منذ البداية كان العمل على إنهاء حالة الانقسام، وعلى توحيد الصف الفلسطيني، والتأكيد على ضرورة إنهاء التمييز العنصري تجاه المخيمات الفلسطينية في لبنان، وتشجيع الشباب على إبراز مواهبهم المدفونة وتثقيفهم في الوقت التي تقصّر فيه مدارس وكالة الغوث- الأونروا في القيام بدورها تجاه الطلاب».
بعد أن أصبحت الكويميديا الساخرة تملأ شاشات التلفزة، وباتت أداةً يستخدمها الشباب للتعبير عن آرائهم في عالمنا العربيّ، تلك الكوميديا التي تمرّدت على أنظمة وديكتاتوريات، كان لا بدّ للشباب الفلسطينيّ اللاجئ أن يخوض غمار هذه التجارب، التي في مضمونها قد تستطيع أن تعرض وتحاكي ما لا يستطيع أن يعرضه ويصوّره خيال كبار الكتاب والمخرجين.
فبين اليأس والأمل، يبقى المسرح المهرب الوحيد لكل لاجئ فلسطيني أرهقه وضعه الوجودي وأنهك كيانه، لأن فلسطين حالة غير مقروءة ولا يمكن التعبير عنها بالكلمات.