أدب العودة الفلسطيني يقرع أبواب التدويل من إسطنبول
يتزايد الاهتمام الدولي عبر دوائره الأضيق فالأوسع بالثقافة الفلسطينية، حتى أصبح «أدب العودة» ميدانا يبرع فيه الكتاب والشعراء والفنانون من عرب وعجم. وارتبط الاهتمام العالمي بأدب عودة اللاجئين مع حالة التعاطف التي تلقاها القضية الفلسطينية في أوساط مناصريها، وظهر ذلك جليا في الندوة التي نظمها «بيت فلسطين للشعر وثقافة العودة» مع عدد من المؤسسات العربية والتركية الاثنين الماضي تحت عنوان «أدب العودة إلى الوطن.. فلسطين أنموذجا».وشارك في الندوة التي أقيمت في مركز الفارابي للدراسات الأوروآسيوية في إسطنبول شعراء ونقاد وروائيون ومتخصصون أكاديميون في الأدب من تركيا وسوريا ومصر والأردن والعراق وفلسطين، وقدموا قراءات وإنتاجات تتعلق بأدب العودة الفلسطيني.وحضرت في الندوة قراءات وأعمال وتجارب من أدب العودة، أكثر ما ميزها أن مقدميها فلسطينيو الهوى وإن كانوا من بلدان أخرى. وقد أظهرت الندوة بجلاء أنه لا حدود للقُطرية في سماء الأدب الإنساني، وإن كان أدب العودة بذاته تعبيرا ذا قرينة سياسية ارتبطت بسيرة الفلسطينيين التي ما زال الاغتراب القسري يكتب الكثير من فصولها.ويقول الشاعر سمير عطية إن أدب العودة الفلسطيني بتركيا مر بمرحلتين؛ الأولى كانت بين عامي 2010 و2011 وغلب عليها التعريف برموز الأدب الفلسطيني.ويضيف عطية وهو رئيس بيت فلسطين للشعر وثقافة العودة إن أكثر الأدباء الذين ترجمت أعمالهم في تلك الفترة هم محمود درويش وغسان كنفاني، مستدركا بالقول إن تلك المرحلة افتقدت للمصدر الرئيسي للأعمال، فكانت أغلب التراجم تتم من لغات غير العربية.أما المرحلة الثانية التي يعيشها أدب العودة الفلسطيني اليوم بتركيا فهي حديثة النشأة بدأت بعد عام 2011، لكن عطية يؤكد للجزيرة نت أن الأدب الفلسطيني فيها صاعد بقوة ويزدهر تأثرا بوجود عدد كبير من الأدباء الفلسطينيين ومن يحمل هم قضيتهم، الأمر الذي يجعل من تركيا منطلقا مناسبا لأدب العودة إلى العالمية.
ويضيف رئيس بيت فلسطين للشعر وثقافة العودة أن هناك عوائق في طريق توضيح أدب العودة في بيئات الاغتراب الاجتماعية والثقافية، موضحا أن من بينها عوائق البيئة الاجتماعية، والعوامل المؤثرة في تفكير الأفراد، واللغة التي تحول دون الفهم.
ويرى أن هذه العوائق تفرض على العاملين لأدب العودة دراسة خصوصيات المجتمعات المحيطة من حيث السلوك والمؤثرات التي تصنع فكر المجتمع وفلسفته الثقافية والمعرفية، ويشير إلى أن كثيرا من العمل ما زال ينتظر الأدباء الفلسطينيين لامتلاك الأدوات، والقدرة على الوصول بأدب العودة إلى مرحلة العالمية.
وبالمفهوم المباشر فإن كل عمل فني وأدبي ينتج عن القضية الفلسطينية من خارج حدود الوطن التاريخي يعد جزءا من أدب العودة، لكن عطية يقدم تعريفا أكثر تخصيصا لهذا اللون الأدبي قائلا «إن قصيدة تؤمن بالعودة، وقصة تبشر بالانتصار ورواية ترسم مشهدا للعائدين ولوحة فنية تبشر بذلك من خلال ألوانها أو أغنية من الأغاني هي بالحقيقة مادة من الأعمال الفنية والأدبية، التي يمكن أن نعدها من الأعمال المهمة في المشهد الأدبي والفني».
ويتوقف عطية عند كثير من المحطات المهمة التي ساهمت في صناعة أدب العودة في مراحل مختلفة، مذكرا بالشعراء هارون هاشم رشيد وعبد الكريم الكرمي وحسن البحيري ويحيى برزق وعبد الكريم العبوشي.
كما يتوقف في أدب القصة أمام قامات غسان كنفاني ويحيى يخلف ورشاد أبو شاور، مؤكدا أن موسوعة الثقافة الفلسطينية باتت اليوم غنية بالأدباء المعاصرين الذين يبشرون بأدب العودة كأدب له منهج وتيار أدبي ونقدي يتبلور منذ سنوات قليلة مضت، وهو آخذ بالانتشار.وقد أدرجت الروائية الفلسطينية جهاد الرجبي الأدب الوطني المقاوم الذي نشأ عن النكبة وتهجير الفلسطينيين والصدمة التي أصابتهم من واقع الأمة التي ينتمون لها تحت إطار أدب العودة، وإن اختلف في بعض جوانبه عنه.
ورأت الرجبي أن الانتفاضة الفلسطينية هي التي منحت أدب العودة الروح وبثت فيه الزخم والحيوية، بسبب تفاعل الشارع العالمي مع صورة الطفل الفلسطيني الذي أسس لأدب العودة من داخل الوطن.وذكرت الروائية الفلسطينية أن الانتفاضة طورت كثيرا من المفاهيم الأدبية الفلسطينية، فتحولت الخيمة والمخيم من مواقع بؤس ومعاناة إلى مصانع للرجال، وتحول الأدب إلى المطالبة بتحرير الوطن بدلا من بكاء أطلاله.
المصدر: الدستور