اللاجئون الفلسطينيون من سورية إلى لبنان ومبررات القلق
ابراهيم العلي
باحث بالشأن الفلسطينيشبكة العودة الإخبارية
ما زالت معاناة اللاجئين الفلسطينيين من سورية إلى لبنان في تصاعد بعد مضي أكثر من سنة على وجودهم في لبنان نتيجة التهجير القسري الذي تعرضوا له، في ظل عدم ظهور أية مؤشرات لقرب انتهاء أزمتهم على المدى المنظور.
وتنبع معاناة اللاجئ من عدة مصادر أهمها القلق الناجم عن المشاكل التي تعتريه وأبرزها موضوع الإقامة التي أصبحت تشكل هاجساً يؤرق كل بيت فيه شخص تجاوزت مدة «زيارته» إلى لبنان العام، لأنه أضحى مهدداً ويقف أمام خيارين لا ثالث لهما: تجديد الإقامة الذي يترتب عليها دفع مبلغ 233$، وهذا متعذر حالياً بسبب الأزمة المعيشية التي يعيشها، وإما أن يغادر قبل إنتهاء مدة العام فيُعفى من استحقاق التجديد، ليصطدم بالعديد من المخاوف والتساؤلات: إلى أين يذهب في ظل استمرار الحرب في سورية؟ وهل سيكون بمأمن لو تخطى الحدود السورية اللبنانية؟ وهل سيسمح له بالعودة إلى لبنان فيما لو غادرها؟ لذلك تراه مضطراً إلى البحث عن البدائل ليمنح نفسه فرصة التحرك من المخيمات الفلسطينية وإليها وتجاوز الحواجز المنتشرة في معظم الأماكن في لبنان أو الاعتكاف داخل المخيم أو المنزل وعدم الخروج منهما.
كما يعتبر الوضع الاقتصادي العام في لبنان مصدراً رئيسياً من مصادر القلق، ففي ظل تحديد جهات العمل على الفلسطيني اللبناني أصلاً واستثنائه من حوالى 73 مهنة اعتبرتها القوانين اللبنانية مهناً سيادية لا يحق للفلسطيني العمل فيها، يجد اللاجئ الفلسطيني من سورية نفسه يتقاسم المعاناة مع أخيه اللاجئ من فلسطين إلى لبنان منذ قرابة الـ 66 عاماً الذي حاول احتضانه وتقاسم البيت والزاد معه.
لكن ثمة فروق بين الحالتين، فاللاجئ الفلسطيني من سورية إلى لبنان وفي ظل انعدام فرص العمل وغياب الدخل – باستثناء ما يحصل عليه من الأونروا والمؤسسات الإغاثية - مضطر لدفع إيجار المنزل الذي يقيم فيه والمتراوح ما بين 300-700 دولار، بالإضافة إلى المصاريف الخفية والضرورية التي لا يمكن أن تظهر علناً كفواتير الكهرباء والماء (لمن هم خارج المخيمات الذين يشكلون 49.32% من نسبة اللاجئين حسب إحصائيات الأونروا)، ومواصلات نقل الأبناء إلى المدارس التي غالباً ما تكون بعيدة عن أماكن سكناهم وكذلك اشتراك الكهرباء، فكما هو معلوم هناك تقنين كبير للكهرباء في لبنان ففي أحسن الحالات تستمر الكهرباء العادية ست ساعات متواصلة يتلوها انقطاع لست ساعات أخرى وهكذا، لذا لجأ اللبنانيون للتأقلم مع هذه الحالة من خلال استجرار الكهرباء من خلال مولدات كهربائية خاصة توزع التيار الكهربائي على الأحياء بمقابل مبلغ مالي متفق عليه.
إن الأوضاع المعيشية الصعبة التي آلت اليها أحوال اللاجئين الفلسطينيين من سورية إلى لبنان أدت إلى حدوث تحولات كبيرة في المجتمع الفلسطيني في سورية الذي أصبح أبناؤه مهجرين مشتتين بين المدن والأحياء السورية أو الدول العربية أو دول قارات آسيا وأوروبا وأفريقيا وأمريكا.
لقد اختلطت الأوراق جميعها ونال الفقر عائلات كانت للكرم والجود عنواناً، وتوزع أبناء البيت الواحد على أكثر من قطر وجهة، لذلك لا بد من التحرك باتجاه إنقاذ ما يمكن إنقاذه والعمل على معالجة هذه المآلات والأوضاع الخطيرة التي صارت إليها الحالة الفلسطينية في سورية، لما يشكل من تهديد كبير على أحد أهم ثوابت القضية الفلسطينية وجوهرها قضية اللاجئين.